الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
37926 مشاهدة
الإيمان بالميزان يوم القيامة

18- والإيمان بالميزان يوم القيامة، كما جاء: يوزن العبد يوم القيامة فلا يزن جناح بعوضة . وتوزن أعمال العباد كما جاء في الأثر والإيمان به والتصديق به، والإعراض عن مَن رد ذلك وتركُ مجادلته.


من أصول أهل السُّنّة الإيمان باليوم الآخر، والإيمان بما أخبر الله به في اليوم الآخر، ومن ذلك أنه أخبر بالميزان، قال الله -تعالى- وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا .

قيل: إن العبد نفسه يُوزن، والدليل قوله -تعالى- فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا .
وفي الحديث: يؤتى بالرجل السَّمين الأكول الشَّرُوب فلا يزن عند الله جناح بعوضة .
وقيل: إن الأعمال تجسد وتوزن، والله قادر على أن يجعلها أجسادًا ولو كانت أعراضًا، فتجعل الصلاة جسدًا وتوزن، وكذلك الذِّكر، وكذلك الصوم وما أشبه ذلك، وتُوزن أيضًا السيئات فتجعل هذه في كِفَّة وهذه في كِفَّة.
وقيل: إن الذي يُوزن هو الصحف التي تكتب فيها الأعمال والسجلات التي سجلت فيها الأعمال سيئات وحسنات هي التي توضع في كِفَّتي الميزان، وبكل حال يؤمن العباد بذلك: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ .
فهذه أدلة واضحة على ثبوت الميزان ولا عبرة بمن أنكره كالفلاسفة ونحوهم، وقالوا: إنما يحتاج إلى الميزان البقّالون والباعة ونحوهم، نقول: إن هذا من إظهار العدل من الله -تعالى-.